انطلقت صباح اليوم الخميس بالقنيطرة أشغال يوم دراسي حول التنسيق بين – القطاعي من أجل التكفل بالنساء ضحايا العنف، تنظمه المديرية العامة للأمن الوطني بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة بهدف توطيد التنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات الأمنية لضمان التكفل بالنساء ضحايا العنف.
وأكد مدير الشرطة القضائية، ومدير مكتب الانتربول بالرباط، والي الأمن، السيد محمد الدخيسي، في كلمة باسم المديرية العامة للأمن الوطني، أن هذا اليوم الدراسي يندرج ضمن سلسلة اللقاءات التي دأبت المديرية العامة على تنظيمها انخراطا منها في المسار الإصلاحي الذي عرفه المغرب منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن، وتدعيما منها للمنظومة الحمائية سواء الوطنية أو الدولية المخصصة للنساء ضحايا العنف.
وأضاف السيد الدخيسي أن مبادرة تنظيم هذا الملتقى العلمي “تصب في رغبتنا الوثيقة كل من موقعه في ضرورة التصدي الشمولي والقائم على الشراكة الفاعلة لهذه الآفة العالمية التي تنبذها كافة الديانات السماوية وكذا المرجعات الأخلاقية والقانونية والكونية، وأيضا السعي إلى إعطاء بعد جديد للموضوع يركز على بناء شراكة علمية وقائية ونهج تشاركي مستدام يسعى إلى تقاسم ومناقشة التجارب والخبرات، وخاصة الناجحة منها على مستوى السياسات الوطنية الكفيلة بتعزيز سبل ووسائل التكفل الناجح والامثل”.
وقال السيد الدخيسي إن المغرب “قطع أشواطا مهمة” على درب تمكين النساء على المستويات القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، “وذلك بفضل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ونظره الموفق السديد القاضي بجعل النهوض بأوضاع النساء من بين أسس المجتمع الديمقراطي الحداثي التي تنبني على أسس المساواة والعدل والإنصاف وتمكين المرأة من المشاركة الفاعلة والعادلة في المسار التنموي للبلاد”.
وأشار السيد الدخيسي إلى أن موضوع مناهضة العنف ضد النساء شكل “ورشا كبيرا” في استراتيجيات عمل المديرية العامة للأمن الوطني، منطلقة في ذلك من قناعتها المؤسساتية بأن العنف ضد هذه الفئة المجتمعية يمس بالمكتسبات التي راكمها المغرب في مجال حقوق الإنسان، مضيفا أنه، ووعيا منها بالمشاكل الاجتماعية والنفسية والتربوية الخطيرة التي يطرحها، والتي غالبا ما تكون لها تداعيات سلبية على الشعور العام بالأمن لدى المواطن، فقد عملت هذه المديرية على الانخراط الفعلي والفعال في المجهود الدولي والوطني، وفي تنزيل مخرجات السياسات العمومية المعتمدة في مجال مناهضة العنف ضد النساء.
وأبرز أنه منذ اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد النساء كمرجعية وطنية، عملت المديرية العامة للأمن الوطني على تعيين نقط ارتكاز تمثلها في مختلف الأنشطة واللقاءات التي تنظمها القطاعات الحكومية المعنية بشؤون المرأة، وكذا جمعيات المجتمع المدني، إلى جانب إحداث “خلايا استقبال النساء ضحايا العنف” منذ سنة 2007، على مستوى مصالح الشرطة القضائية، و”مخاطبين وحيدين” على مستوى دوائر الشرطة.
كما أشار السيد الدخيسي إلى اتفاقية الشراكة حول “الوقاية والحماية والتصدي للعنف ضد النساء والفتيات بالمغرب” التي تم توقيعها في ماي 2018 مع مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالرباط، الذي يعد “شريكا ميدانيا واستراتيجيا نثمن عاليا الجهود التي يبذلها من أجل تعزيز سبل التعاون والتنسيق والدعم اللامشروط لضمان تكفل أمثل بالنساء والفتيات ضحايا العنف”.
وأبرز أنه، ترصيدا لهذه المكتسبات، ومسايرة للمنظومة الحمائية المقررة للنساء ضحايا العنف وطنيا ودوليا، قامت المديرية العامة للأمن الوطني بمراجعة بنيوية شاملة لهيكلة الخلايا الأمنية المكلفة بمعالجة قضايا العنف ضد النساء، وهي الخلايا التي “لم تعد مجرد وحدات أمنية تقوم باستقبال ومعالجة شكايات النساء، وإنما بات ينظر إليها على أنها بنيات مندمجة توفر الدعم النفسي والإرشاد والتوجيه والتأطير والمعالجة الناجعة للشكايات والتظلمات”.
وحسب السيد الدخيسي، فقد تمت إعادة تنظيم هذه الخلايا اهتداء بأحكام القانون 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر سنة 2018، وكذا بمقتضيات المرسوم التطبيقي بشأنه في أبريل 2019، وذلك على النحو الذي يدعم حصيصها ويزيد من نطاق تدخلها ويوطد مقاربة النوع ضمن بروفايلات العاملين بها.
وخلص السيد الدخيسي إلى التعبير عن استعداد المديرية العامة للأمن الوطني الدائم والمتواصل للتعاون مع كافة الشركاء الوطنيين والدوليين بما يخدم المصالح الوطنية ويدعم السياسات الوقائية والاصلاحية والحمائية المخصصة لضحايا هذا النوع من العنف.
من جهتها، قالت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المنطقة المغاربية، السيدة ليلى رحيوي، إن حوالي 6 ملايين امرأة قلن إنهن كن ضحايا للعنف بكل أشكاله، مضيفة أنم 4ر17 في المائة فقط من حالات العنف المسجلة في الأماكن العامة تم تبليغها لسلطة مختصة، وهي النسبة التي تصل إلى 3 في المائة فقط عندما يتعلق الأمر بالعنف الزوجي.
وأضافت أن المغرب، ومنذ سنة 2018، أصبح يتوفر على قانون خاص متعلق بمكافحة العنف ضد النساء، يحدث إطار استجابة متعدد القطاعات، مشيرة إلى أن هذا الأساس هو ما يجب أن نحرز فيه تقدما من أجل أن لا تظل النساء والفتيات خائفات من الحديث وأن لا يظل أي شكل من أشكال العنف مقبولا.
وحسب السيدة رحيوي، فإن استجابة ذات جودة هي قبل كل شيء، استجابة منسقة، موضحة أنه بالنسبة للضحايا، فإن تدخلا منسقا يمكن من توفير حماية أفضل، لأن هذا يجعلهن في صلب أي تدخل مؤسساتي ويتيح لهن الولوج لمهنيين مختصين وذوي اطلاع يتقاسمون معارفهم في بيئة مواتية.
وأكدت المتحدثة أن تدخلا منسقا وحده الكفيل بمعرفة الحاجيات المتعددة للضحايا، مبرزة أهمية تقاسم المعلومات بين القطاعات والذي يمكن أن يقلص من عدد المرات التي نطلب فيها من النساء حكاية قصصهن، ويخفف بالتالي من خطر التعرض لصدمة جديدة.
واعتبرت السيدة رحيوي أن التدخل المنسق مفيد أيضا للمؤسسات نفسها التي تتدخل في حالات العنف ضد النساء، حيث يجعلها أكثر فعالية، مضيفة أن التنسيق هو مرادف لتناغم الرسائل والتدخلات الموجهة لفائدة النساء ومرتكبي الجرائم وللمجتمع.
وخلصت إلى أن التنسيق يتيح إمكانيات لتقاسم الموارد والمعارف القائمة على الممارسة والابتكار والبحث، مؤكدة أنها توجه رسالة واضحة ومتناغمة وموحدة مفادها أن العنف ضد النساء يؤخذ على محمل الجد من خلال توفير حماية للضحايا وكذا أثر رادع على مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم.
من جانبه، أكد مدير المعهد الملكي للشرطة، والي الأمن عبد العزيز زكرياء، الأهمية التي توليها المديرية العامة للأمن الوطني لقضية مكافحة العنف ضد النساء، وكذا لتعزيز ثقافة المساواة.
كما أكد انخراط المعهد الملكي للشرطة في جهود مكافحة العنف ضد النساء من خلال برامج التكوين الأساسي للمتدربين في المعهد والتكوين المستمر لموظفي المديرية العامة للأمن الوطني.
ويتضمن برنامج هذا اليوم الدراسي الذي يعرف مشاركة ممثلين عن عدد من القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية بالمرأة، تقديم عروض حول مستجدات القانون 13. 103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وخلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف المحدثة من قبل المديرية العامة للأمن الوطني، والمعايير والقواعد الدولية المتعلقة بالتنسيق بين مختلف القطاعات المعنية بالتكفل بهذه الفئة.
قم بكتابة اول تعليق