إشراقة نيوز: محمد الحرشي
ما الهدف الذي يدفع اغلب الاحزاب المغربية إلى خلق لجنة داخلية تسمى لجنة الحكماء رغم أن انظمتها الأساسية والداخلية تتضمن هيئات مختلفة تحدد المهام والاختصاصات ولها قوة اتخاذ القرارات مثل المكتب السياسي، المجلس الوطني، المجالس الجهوية والاقليمية والمحلية، لجنة المالية ، لجنة المرأة ، لجنة الشباب ، لجنة الجالية وغيرها من اللجن والهيئات.
فليس بدعة أن تظهر داخل اغلب الاحزاب لجنة الحكماء ، بل لضرورة تنظيمية وتسييرية فرضتها تغيرات الممارسة السياسية والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية وما تخلفه الصراعات الداخلية على السير السليم للحزب ،فلقد أصبحت لها صلاحيات واسعة مثل البث في المناصب العليا داخل الحزب وخارجه: اقتراح الأمناء واعضاء المكتب السياسي والوزراء في الحكومة ، تزكية نواب البرلمان ورؤساء اللوائح الإنتخابية ، التوفيق بين الآراء المختلفة أثناء تأويل بند من بنود القانونين الاساسي والتنظمي، أي كل الأمور التي يمكن أن تؤثر على الشأن الداخلي للحزب، وتؤدي في حالة السلب إلى مشاكل خطيرة على مستقبله وتماسكه الداخلي وصورته الخارجية.
وما تهافت بعض أعضاء الحزب على كسب ود لجنة الحكماء ورضاها إلا علامة أكيدة على دورها في اتخاذ بعض القرارات المصيرية للحزب عجزت كل الهيىات الأخرى على اتخادها بالتوافق أو غيره حسب القانون الأساسي للحزب أو تحت ضغوطات خارجية.
وما يؤخذ على لجن الحكماء انها فقدت البوصلة والحكمة والتبصر والخلق القويم والحس الديمقراطي وقيم المواطنة في تخليق الممارسات السياسية داخل الاحزاب حيث تحولت هي نفسها إلى مساند رسمي للكتاب العالمين، سواء في تفوقهم أو فشلهم،في استقامتهم أو انحرافهم ،في نزاهتهم أو فجورهم يغمضون أعينهم عن انتهاكات الكبار ويعاقبون فقط الصغار.
فلم تعد لجنة الحكماء أداة توازن القوى والتيارات المختلفة داخل الحزب ، على عاتقها العمل بحكمة وعقلانية لتقييم وتقويم أي سلوك منحرف مهما كان صاحبه داخل التنظيم ، وسدا منيعا ضد كل فاسد يريد اتخاذ الحزب مطية لتحقيق مآربه الشخصية وطموحاته السياسية وميولاته النرجسية
بل تحولت وظيفة الحكمة والحكامة عند بعض لجن الحكماء إلى إعادة إنتاج نفس العقليات الوصولية والانتهازية التي لا يهمها شاب ضائع، طفل متشرد، معاق منبوذ أو امرأة عاهرة، لقد تخلت عن دورها في تنظيف الحزب من كل الذين لا اخلاق لهم من وصوليين وانتهازيين ومنحرفين ومتابعين قضائيا أمام المحاكم أو من تحول حولهم الشبهات
فمطلوب من لجنة الحكماء تقدير الكفاءات النزيهة داخل الحزب انطلاقا من العطاء والاستقامة، ومقدار المواطنة ونظافة اليد ، وكذلك مستوى نكران الذات وعدم الغرور بالكرسي في حالة اسناد منصب هام يتعلق بتسيير الشأن العام.
ومن التدابير الاستعجالية المطلوبة الآن أن تنهج لجنة الحكماء التدابير الآتية : الزامية الادلاء بوثيقة السجل العدلي ضمن وثائق ملف العضوية داخل الحزب، القيام ببحث داخلي وخارجي حول سمعة كل من أراد الانتساب إلى صفوف الحزب، ثالثا تفعيل أي إجراء داخلي يطمح إلى تنقية الحزب من كل وصولي وانتهازي مهما كان دوره في التنظيم، والهدف هو تخليق الحياة الداخلية وتقوية المصداقية مما ينعكس ايجابا على الرأي العام، وبالتالي تغيير نظرة المواطن إلى العمل الحزبي كضرورة مجتمعية تساهم في التأطير والتنمية ودمقرطة المجتمع برمته.
قم بكتابة اول تعليق