العنصرية المالية : التعويضات في المؤسسات العمومية

إشراقة نيوز: محمد الحرشي

أخطر ما يصيب أي دولة انتشار العنصرية المالية فيها إذ يصبح المال العام مباحا ومستباحا، بلا رقيب ولا حسيب، توزع فيه التعويضات بالملايين يمينا وشمالا دون اكتراث بعدد الأفواه الجائعة والأبدان العارية وحجم البطالة المتفشية.

و الأخطر، توزيع التعويضات الخيالية بالمراسيم والقرارات على صفحات الجريدة الرسمية كأن الأمر طبيعي وليس فيه مس بالأحاسيس والنزعات ومستقبل البلد. هل الحكومة لا تعرف أن أخبار صرف التعويضات من المال العام تنتشر كالنار في الهشيم، وأن عصرنا عصر حساب الأموال والميزانيات وترشيد النفقات ، وكل فلس يصرف في غير محله من الموبقات والمحرمات.

المواطن لا يعاني من عنصرية اللون، الجنس، العرق، الدين أو اللغة، بل من عنصرية النقود والشيكات والتعويضات التي تعطى من المال العام لزيد بالملايين على حساب عمرو بدراهم معدودات. و لفاطمة بالملايين على حساب عائشة براتب لا يتعدى الحد الأدنى للأجر، دون مراعاة الجنسية، وبطاقة التعريف الوطنية، وعنوان الولادة المدون في سجلات البلدية.

لقد أصبح كل واحد منا لا ينظر إلى شكل الإنسان الخارجي : طويل، قصير، جميل، أسود أو أبيض.. ولا إلى جنسه: ذكر أم أنثى، ولا إلى عقيدته : مسلم، مسيحي، يهودي، شيعي، قبطي بل إلى مقدار المال الذي في جيبه مطبقا عليه المقولة المشهورة للمفكر المصري الكبير سلامة موسى:” قل لي كم في جيبك أقول لك من أنت”..

وحان الوقت، أن نتحدث بلغة العقل والمشاعر عن العنصرية المالية التي أصبحت منتشرة في بلادنا، واحد يكد ويشقى من أجل لقمة عيشه ويتعرض لأبشع الضغوطات الحاطة من الكرامة ، وآخر على أريكة من الجلد الرفيع، كبيرة ومريحة، تخصص له الملايين من المال العام وحتى إسمه يدون في الجريدة الرسمية دون مراعاة تأثير ذلك على أحاسيس المجتمع ، وفي هذا التعامل، تعبير عن عنصرية مقيتة سوف تدفع إلى مشاكل كثيرة وقلاقل لا تعد ولا تحصى على مستقبل، البلاد والعباد.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.