إشراقة نيوز: بوسلهام الكريني
كل الأنظار تتجه بالنقد إلى المجالس المنتخبة ومسيريها على اختلاف أنواعها ومناصبهم.. بيد أن من أهم حاجيات المواطن داخل أي مجتمع ديمقراطي: ثلاث محاور أساسية تتمحور حول بعضها وهي: الصحة والتعليم والأمن، فالصحة أولا تسبق التعليم لأن العقل السليم يجب أن يكون في جسم سليم والأمن يسبق الصحة والتعليم فالمواطن بحاجة إلى أمن صحي وأمن غذائي وأمن فكري إضافة إلى الأمن البدني الذي ينشده كل مواطن بعيدا عما نعيشه في الأيام الأخيرة من انفلات أمني وكثرة الجرائم بكل أنواعها… ولعل هذه المطالب تتلخص في دعاء كل مغربي ينشدها بقول: “مصاب عا الصحة والسلامة وراحة البال”…
هذا، وعلى المستوى المحلي، وبإقليم سيدي سليمان، فإن الجميع ينتقد ويتذمر ويحلل ويناقش ويشجب سياسات المجالس المنتخبة ويتناسى مجالس أخرى وإدارات عمومية أخرى تستوجب التفاتة لما يحدث فيها من تجاوزات تتطلب تدخلات عليا لفض غالبية تلك الاختلالات.
صحيح أن المجالس المنتخبة تتغير وجوهها كل بضع سنوات بل وللمواطن يد في اختيار أولئك المسيرين، لكن غالبية الإدارات الأخرى لا يكون للمواطنين حق اختيار مسيريها ولا مدراءها بل وقد يكونون مفروضين عليهم رغما عنهم.
فمثلا قد نجد المسؤول عن الصحة (الدكتور الإحيائي) خريج كلية العلوم!!! لا تسمع له كلمة ولا ترى له تدخلا في الإقليم منذ توليه المسؤولية، بل وإن من شعارات الدولة وأهمها استمرارية الإدارة، فأين تلك المشاريع التي سطرها سلفه الدكتوران طارق العروصي وادريس الشريفي كالمستشفى الإقليمي وغيرها من المراكز الصحية للقرب، وهل يمكن الوثوق برجل متابع في قضايا جرائم مالية وتخويله مهمة آمر بالصرف على اعتبار أن القانون لا يسمح بذلك، فأين النزاهة ومصلحة المواطن أولا كما هي في الشعارات؟؟؟
وعن الأمن، فقد عرفت سلسلة التعيينات لرؤساء المنطقة الإقليمية للأمن الوطني بسيدي سليمان، عدة محطات تاريخية لما شهدته من تغييرات سواء على مستوى الاستراتيجيات أو الأداء الأمني وذلك منذ تعيين المراقب العام الدكتور عبد الرحمان عفيفي الذي كرس مفهوم تحديث الإدارة الأمنية وفتح قنوات للتواصل مع كل الفاعلين المدنيين والإعلاميين وأعطى لرجل الأمن قيمته التي لم تكن مصانة من قبل، كما طهر بيته الداخلي قبل أن يخرج إلى الشارع العام ليحس المواطن البسيط بتغيير ملموس على مستوى الأداء الأمني الذي عرف منحى تصاعديا حادا طيلة سنوات خدمة المراقب العام عفيفي..
لكن وما أن فتئت العناصر الأمنية تشتم ريح ونفس الجدية في العمل والكرامة المهنية والمواطن يحس بالتغيير الجذري حتى استبدل الدكتور عفيفي بالمراقب العام شفيق الحافظ الذي أرجع الخمول والكسل في صفوف رجال الأمن، وعادت ريمة إلى عادتها القديمة بل وجدد المكابح لعرقلة عمل كل الفرق الأمنية.
وهكذا عاش إقليم سيدي سليمان ركودا أمنيا لسنوات إلى حين تعيين المراقبين العامين محمد بن عطة ومحمد الرويشي وعبد الرحيم العلمي على التوالي ليتغير الأداء الأمني نسبيا، بل ويعرف قفزة نوعية حين كانت التفاتة المدير الحموشي إلى هذا الإقليم صائبة بتعيين والي أمن الدكتور محمد العسالي رئيسا للمنطقة الإقليمية للأمن فتكون سابقة في تاريخ سيدي سليمان..
لقد كان الدكتور العسالي مثالا لرجل الميدان الذي يتابع الأداء الأمني عن كتب فتعرف الخطاطة المبيانية تزايدا مستمرا من حيث جودة الأداء خاصة حينما طهر العديد من النقط السوداء بل وكان له الفضل في تطهير عقول بعض العناصر الأمنية التي باتت صدئة منذ زمان بعيد..
وفجأة تحرم المنطقة الإقليمية من رجل ليس ككل الرجال فيتم تنقيله إلى العاصمة واستبداله برجل شرطة أقل منه برتبتين، فمن والي أمن إلى عميد إقليمي، تقهقر في الرتب وتراجع في الأداء.. عميد إقليمي لا يُرى في الشارع العام إلا من داخل سيارة العمل، ويتحدث عبر الهاتف الخلوي كأن الأوامر ستقضى بالهاتف وحسب.. بعيدٌ كل البعد عن الميدان والتواصل، وقد لا يحظى بتلك المكانة التي حظي بها سلفه منذ المراقب العام عفيفي إلى والي الأمن العسالي..
ونحن لا نحط من قيمته ولا من مكانته ولا نبخس عمله ولكن منذ توليه المسؤولية الإقليمية ازدادت نسبة الإجرام وانتشار السرقة الموصوفة وحرب العصابات وغيرها من الأحداث التي تستفيق عليها الساكنة كل يوم، فقط دون أن ننسى العمل الجاد الذي يقوم به رجال الأمن في محاربة أرباب الدراجات النارية ثلاثية العجلات، وكأنهم أعداء الوطن والمواطن وليسوا مغاربة من رعايا محمد السادس..
إن الإقليم يزخر بالعديد من النقط السوداء من تجارة الماحيا (ماء الحياة) إلى تجارة المخدرات وحبوب الهلوسة إلى أوكار الدعارة وكلها معدودة على رؤوس الأصابع وغالبية رجال الأمن والشرطة يعرفونها – وإلا من أين يشترون تلك المخدرات والخمور التي يتعاطاها جلهم؟؟ – وماذا عن سماسرة الأمن؟؟ خاصة وأن عددا من المسؤولين الأمنيين بسيدي سليمان حطموا الرقم القياسي في مكوثهم بالديار الحسناوية كأن سيدي البعبوشي لم يطلق سراحهم بعد، للانتقال إلى مناطق أخرى، بل وأصبحوا من أهل الديار وقد تجد أرقام هواتفهم عند تجار المخدرات والعاهرات ومروجي الماحيا والخمور وكثير من الوسطاء والسماسرة…
أما عن التربية والتعليم فحدث ولا حرج، وقد ينطبق على سيدي سليمان المثل المغربي : “ما قدو فيل زادوه فيلة”.. على اعتبار ما تعانيه الرياضة منذ سنوات لتضاف إلى أزمة التعليم في التصنيف الإداري الجديد..
فلا إنجازات تذكر كما عهدناها في “المرأة” المسؤولة السابقة عزيزة الحشالفة ولعلها كانت خيرا من ألف رجل من طينة من بقوا خلفها، خاصة المعلم الذي تسلق الدرج على أكتاف زملائه بالوشايات المغرضة سواء في العمل النقابي أو الحزبي وحتى في الإدارة معتمدا على مراسلاته الصحفية ليصبح مخبرا لجهات بعينها لعله يتودد إليها بكل خبر يلتقطه مساعدوه من شبكة الجواسيس الذين جنحوا عن مهنة التعليم الشريفة وأضحوا يتعاطوا للاستخبارات، لعله يحظى بعطف من إدارة لا علاقة له بها…
وعن مجلس آخر احتكر أصحابه مناصبهم لسنوات دون أي تدخل من المواطن في سبل اختيار أعضائه، المجلس العلمي المحلي، الذي تتم تزكية رئيسه من الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، فيحظى بتعيين ملكي، وقد يخلد في منصبه لسنوات وكأنه مقدس بإسم الدين ولا يستطيع أحد أن ينتقده أو يعارضه، فهل يستحق هذا المنصب ؟ لاعتبارات عديدة من بينها أنه لا يجيد فن الخطابة وإمامة الناس ولا يملك حتى أسلوب الحوار والتواصل، إضافة إلى تلك النعرات القبلية والإثنية التي يثيرها في صفوف الأعضاء، كذلك الشكايات التي تقدم بها المصلون إلى الجهات المسؤولة (وهو يعرف ذلك) لكن عناده وطمعه في الاستمرار في استفزاز المصلين يجعله يحمل أوزاره وأوزار الناس الذين يتذمرون من خلفه.. وقد يكون الوزر أكبر على الذي اقترحه لأول يوم وقبله خلفا له.
هذا، ولعل إقليم سيدي سليمان يحظى بعطف ملكي في القريب من الأيام فيعين جلالته عاملا على الإقليم ورئيسا للمجلس العلمي المحلي، يكونان محل ثقة ومن طينة المغاربة الوطنيين الذين يدافعون عن الحق سواء في أمور الإقليم الداخلية أو في شؤونه الدينية. رجلان يحفظان القسم ويلتزمان بخطة الطريق التي يسنها جلالته أمير المؤمنين بلا غلو ولا خيانة ولا نهب مال عام ولا انتهاك لحرمة مسلم أو انتقاص من حقوقه كإنسان قبل أن يكون مواطنا مغربيا.
وعن المجالس المنتخبة فحدث ولا حرج… وسنتناول بالتفصيل مكونات المجلسين البلدي والإقليمي وما يشوبهما من انتقاد.
قم بكتابة اول تعليق