
إشراقة نيوز: محمد الحرشي
أكثر العبارات تكرارا وترديدا في وسطنا المغربي التي يستعملها الأب والأم والجدة والجد والإخوة والأخوات وباقي أفراد الأسرة الواحدة، سواء كانت نووية أو ممتدة ضد الأطفال هي جمل: أنت حمار للمذكر، أنت حمارة للمؤنث، ونصيب الطفل منها أوفر حظا .
فكل أمر أو نهي أو توبيخ أو توجيه أو استفسار يكون مقرونا في أغلب الأحيان بعبارة :“أنت حمار(ة)” ثم يتبع بعقاب بدني يمكن أن يصل إلى حد القساوة والألم.
ولا ندري لماذا يشبه كل صغير(ة) بالحمار أو البغل رغم أنه سمع عنه فقط أو رأى صورته على صفحة من صفحات مقرر دراسي أو شاشة تلفزيون ، وفي كل الحالات فهو لا يعي سبب التشبيه ونعته بإسم كائن مخلوق مثله..
نحن الكبار فقط الذين نتطاول على إسم الحمار، مخلوق إلهي له دور كبير فوق الأرض ،خلقه على أحسن تقويم وصوره أجمل صورة أهلته أن يؤدي منافع كبرى لنا نحن البشر، لكن لا يجد البعض منا سوى تبخيسه تبخيسا باستعمال إسمه في غير سياقه البيولوجي والإقتصادي ولا نعترف أنه لما يسديه من خدمات عظيمة قوة وتحملا وانضباطا.
وهذه مفارقة عجيبة في تربيتنا وثقافتنا عموما حول استعمال إسم حيوان أليف في قمع صغير وإجباره على الإمتثال لأوامرنا، وتناقض صريح غير مفهوم عند الكبار للتنكيل بطفل(ة) والتقليل من شأنه وإضعاف معنوياته.
والإستعمال المفرط لمثل هذه التعابير يغرس في ذهن كل صغير بريئ وضعيف تصورا غير صحي ومضر حول هذا المخلوق القوي، وثانيا يعود بالأمراض النفسية والاجتماعية على كل صغير قورن به في سياق التبخيس والاستهزاء.
ولا يجد بعض المربين في البيت وخارجه سوى إطلاق إسمه وجنسه في صيغة القدح على كل طفل محدود الإدراك والفهم دون اعتبار العمر ومرحلة النمو والوراثة ونظرات التربية بصفة عامة .
وكثير من الآباء والمربين لا يستعملون من تعابير علوم التربية والتنشئة الاجتماعية سوى تعبير : واش ماتتفهمش آلحمار!!! ؟ أو آلبغل ، رغم أن الحمار والبغل من الحيوانات الأكثر نفعا للبشر.
وحتى في أوساط الكبار وأثناء الخصومات والمنازعات فيما بينهم تستعمل هذه التعابير الحاطة من كرامة الآخر بشكل لا يتصور، تؤدي في أحيان كثيرة إلى الضرب والجرح والإحتكام إلى القضاء .
و الغريب أن مصطلحات وتعابير الحب والرعاية والتشجيع والكلمة الطيبة والأخذ بالتي هي أحسن تكاد تختفي من قاموسنا اللغوي وتواصلنا اليومي أثناء توجيه طفل صغير في البيت أو المدرسة، فلا نسمع كلمات من مثل : يا حبيبي، يا عزيزي، أنت لطيف، أنت رائع، أنت ذكي، أنت تفهم بسرعة مثل الملائكة وما شابه هذه التعابير، التي تقوي علاقات الحب والتعاون والتقدير المتبادل، فاللغة مفتاح النجاح والفشل وخصوصا مع الأطفال الصغار الذين هم صفحة بيضاء، وأي تشبيه لهم بحيوان أو غيره بطريقة تحط من الكرامة له أثره البليغ على نفوسهم إلى الأبد.
قم بكتابة اول تعليق