عنف أطفالنا ضد الحيوانات سلوك ضد بيئتنا كلها

إشراقة نيوز: محمد الحرشي

جلست على مقربة من رمال شاطئ من شواطئ المدينة الاقتصادية معروف بقوارب الصيد الصغيرة التي تفرغ حمولتها كل صباح.. أسماك طرية غالية الثمن تستقطب أصحاب السيارات الفارهة الذين يشترون دون مساومة بحثا عن لذة حقيقية لا يجدونها في الأسواق العصرية الكبرى.

وتشكل هذه القوارب فرصة ثمينة لطائر النورس الذي يجد غذاءه المجاني في الأسماك بعد تنقيتها ورمي أحشائها على حافة الأمواج.

متعة كبيرة تحسها وأنت تشاهد اسراب النورس تتنافس فيما بينها من أجل الظفر بجزء من احشاء الأسماك ممرغة في الرمل أو على رغوة موجة منسحبة بعد انكسارها على البر.

لكن كل المشاهد الطبيعية والمناظر الجميلة من تحليق الطيور وتسابقها على الطعام حد الخطف المتبادل من مناقر بعضها البعض.

وهذا الجو البريء والغريزي للطيور يفسده الأطفال الذين يمرون من المكان، فما أن يروا النورس مجتمعا يأكل أو ينتظر رمي ما تبقى من أحشاء السمك حتى يرمونه بحجارة من سجيل ثم يتضاحكون فيما بينهم ويتفاخرون بعد إصابة واحد أو أكثر.

كل لحظات المتعة وحب الحياة تنطفئ في نفسك دفعة واحدة عندما يسقط طائر نورس للتو تحت مدفعية الحجارة ويحاول الطيران مرة أخرى.. لكن تخونه جناحاه المكسورة ويخر أرضا لا قوة له سوى رؤية أفراد أسرته تفر هاربة إلى أعالي السماء.

وفي هذا الموقف المؤلم جدا.. تطرح أسئلة كثيرة على نفسك، ألخصها في واحدة فقط، ما الفائدة من الجلوس أمام أمواج البحر وأنت قد خرجت من منزلك هروبا من مشاهد الدمار والقتل في فلسطين المناضلة؟ وأغلقت هاتفك الذكي حتى لا تختلط عليك الأمور وتقتنع أن الضحية أصبح إرهابيا..

بدون استثناء، كل الأطفال يقومون بنفس الأفعال بلا تردد ولا اكثراث لكل من ينهاهم من الكبار، أفعالهم غير إنسانية وضد نواميس التوازن البيئي.

تفسير هذا السلوك المنتشر بين أطفالنا دون أطفال الدول الأخرى عصي على الفهم وجوابه يتطلب دراسات علماء النفس والاجتماع واقتراحات لجنة مدونة الأسرة وعلماء التربية وكيمياء الأحياء وعلماء البيئة وغيرهم..

وحتى لا نطرح سؤالا وجوديا آخر : هل قذف الطيور بالحجارة وباقي الحيونات الأخرى من طرف أطفالنا وراثي أم مكتسب؟

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.