
إشراقة نيوز: محمد الحرشي
هناك نقاش وحوار كبير يدور الآن على كافة المستويات وخصوصا داخل اللجنة الملكية الاستشارية حول تحديث مدونة الأسرة. ومنطقي أن يعاد النظر في مضامينها لكي لا تصبح حجرة عثرة في سبيل تحضر المجتمع المغربي ورقيه.
وما هو ملفت أثناء نقاش مدونة الاسرة هو بروز تناقضات وصراعات فكرية وعقائدية بين المحافظين من جهة والحداثيين والمعتدلين من جهة أخرى حول بعض بنود المدونة، وخصوصا ما يتعلق بوضعية المرأة داخل المجتمع من حيث الحقوق والواجبات.
ويحتد النقاش إذا طرحت مسألة التابع والمتبوع ومسألة طاعة المرأة لزوجها داخل الأسرة عبر استحضار الماضي ومضامين النصوص الفقهية دون الاغتراف من ينابيع العلوم الحقة وما اكتشفته من معطيات تجريبية /يقينية حول طبيعة كل من الرجل والمرأة.
فلا يمكن الحسم في مسألة الطاعة وما تختزنه من حمولة التعسف والقهر والهيمنة دون الاستعانة بما توصل إليه علم النفس من معطيات مؤكدة حول الخصائص النفسية لكل من الأنثى والذكر وتأثيرها في تصرف كل منهما وما تتيحه بين الطرفين من طرق وأساليب التفاهم والانسجام بين الأزواج، حيث تصبح الطاعة سلوكا واعيا ومفهوما بين الاثنين، مدركا في وقته بقناعة ذاتية غير مفروضة وقسرية.
ومن العلوم الأخرى التي دللت معنى الطاعة ووضعتها في إطارها و حجمها الحقيقي : السيكولوجيا la psychologie التي بينت إلى حد بعيد كيف تتشكل نفسية كل من الرجل والمرأة حسب المعاملة التي يتلقاها الفرد داخل أسرته.
فالأسرة التي تشيع المحبة والمساواة بين أفرادها ذكورا وإناثا تساهم بشكل كبير في تثبيت الطاعة المتبادلة المبنية على الوعي والتكامل بين الرجل والمرأة متشبعة بقيم الاحترام وتكافؤ الفرص وليست الطاعة العمياء التي لا تختلف عن العبودية في كل تجلياتها…
إن المرأة الآن، مدركة قبل غيرها لوجودها وقيمتها ، متفتحة، مفكرة، سياسية، نقابية، جمعوية، رياضية، عالمة آثار وفيروسات، دارسة كواكب ومجرات، مستكشفة القارات والبحار، رائدة فضاء ومساحات، ولا يمكن اختصار وجودها في كلمة “طاعة” وما تختزله من مضامين العبودية والتبعية العمياء.
العلوم الحديثة غيرت كل القناعات الماضية في التعامل مع المرأة وأي محاولة لإبقاء الوضع على ما هو عليه ضرب من الخيال ومضيعة للوقت وتراجع إلى الخلف على كل المتسويات.
قم بكتابة اول تعليق