إشراقة نيوز: محمد الحرشي
في 16 نونبر من كل سنة، يحتفل العالم وهيئاته الأممية بيوم التسامح العالمي، وهو فرصة للوقوف على مدى تحقق هذا المبدإ الإنساني الكبير على أرض الواقع.
والحقيقة أن الكل يتابع وبحسرة عميقة مدى تفاقم الأوضاع الإنسانية وغياب التسامح على أكثر من صعيد وفي كل القارات الخمس وخصوصا تجاه الدول العربية والإسلامية.
فعلى المستوى العسكري، ما زالت القوى الكبرى الغربية تعمل على قتل الأبرياء في اليمن وليبيا وسوريا وفلسطين دون تغليب القيم الإنسانية التي ترفع فقط كشعارات في المحافل الدولية.
ونرى يوميا حجم الأسلحة الفتاكة التي تباع للدول المعتدية في الشرق الأوسط وإفريقيا وجزء من آسيا من أجل تحقيق الأطماع الاقتصادية والتوسعية على حساب العرب والمسلمين.
ويتجلى عدم التسامح العالمي كذلك في الكراهية المتبادلة بين الأديان والمذاهب، والهجوم المستمر على الدين الإسلامي من طرف الغرب بحجة حرية التعبير ، وهذا لا يعني أن المسلمين متسامحون مع العقائد الأخرى.. فهم كذلك يعيشون تحت الإعتقاد الخاطئ ، ويبالغون أحيانا أكثر من اللازم بالحكم على معتقدات الآخرين بالنقص والتحريف ، وهذه النظرة الإستعلائية المتبادلة بين الأديان لن تقرب الفجوة بين البشر وحتى داخل الدين الواحد مثل ما يقع بين السنة والشيعة وهما من نفس ألأصل العقائدي للدين الاسلامي .
وقد أثبتت كل الدراسات العلمية في مجال التعامل بين البشر بأن التسامح يقوي المناعة بشكل كبير وخصوصا في ظروف الأوبئة العابرة للقارات ، كذلك ينقص من التعصب والقلق والاكتئاب ويجعل الفرد المتسامح أكثر سعادة من غيره محبوبا من طرف أسرته واصدقاءه والكل يرتاح إليه ويرغب في التقرب إليه.
ولا نعني بالتسامح الخضوع القهري إلى قوى معينة مادية أو معنوية من طرف الآخر بل هي قناعة داخلية وإدراك باطني بأن الشخص الآخر الذي تسامحت معه يستحق ذلك كإنسان وكبشر يتنفس مثلك ويحس مثلك بكل ثقل الحياة ومشاكلها المعقدة.
فمن الأحسن قبول اعتذار الآخر سواء عبر عنه أو العكس، لأن الكثير من النتائج الايجابية نحصل عليها بتسامحنا في الفضاءات العامة كالملاعب ، وسائل النقل ، في العمل، في المنزل، مع الزوجة والأبناء والعائلة.
وهناك قولة مشهورة في تقييم ردود أفعال الآخرين عندما نقول في حق المتسامح : (” هذاك كاع ما تيدير فخاطروا، تينسى بسرعة”) ، أي متسامح مع الآخرين، مما يعني أهمية التسامح في تقييم سلوك الأفراد والجماعات.
حبذا لو يصبح سلوك التسامح والاعتذار جزءا من تصرفاتنا اليومية نعامل به كل صغير وكبير، كان غنيا أو فقيرا ، صاحب قرار او منفذ له، معنا في الملة والدين أو من ديانات ومعتقدات أخرى ، فالأصل في البشر هو وحدة الإنسان التي لا تتأثر بمال أو عقيدة أو سلطة كيفما كان مصدرها وحجمها .
قم بكتابة اول تعليق