
إشراقة نيوز: محمد الحرشي
أغلب الذين (اللواتي) شاركوا في النقاش العمومي أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول إصلاح مدونة الأسرة يؤاخذون على الرجال الذهاب إلى المقاهي وترك الزوجات في الشقاء والمحن.
والحقيقة غير ذلك إذا استعملنا العقل والإدراك..
فطبيعة الرجل بعد أداء مهامه وكسب قوت يومه يذهب إلى المقهى العمومي لملاقاة أصدقاءه بغية الاستراحة والترفيه حتى إذا عاد إلى منزله، له من الطاقة ما يبذله لدعم الأبناء والبنات دراسيا واللعب معهم وقضاء حوائج اليوم الموالي ومساعدة زوجته في أمورها الخاصة والعامة.
وحتى مشاكل نوم الأطفال ومرضهم تجده الأول إلى جانب زوجته يشخص ويعالج حسب المتاح من المواد وإذا كان الوضع يستدعي شراء أدوية أو الذهاب إلى المستشفى تجده الجندي الأول في تقديم كل الدعم المادي واللوجيستيكي لزوجته وبيته .
ولا نبغي إفتعال وقائع من وحي الخيال بل هي حقائق مرصودة بالعين المجردة وسألنا فيها العشرات من الآباء فوجدنا التطابق والفعل المبين إلى حد معقول..
فالمقهى ليست أماكن لمضيعة الوقت والقيل والقال وكثرة الكلام بل فيها تحل الكثير من مشاكل الناس في هذا الزمان المعقد أصلا بفعل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتعد المقهى البيت الثاني بالنسبة للكثير من الرجال إن صح التعبير حيث يبقون في دائرة التواصل مع زوجاتهم بسرعة البرق في زمن التكنولوجيا المتقدمة بالصوت والصورة كأنهم معهن على طول الوقت ، المسافة فقط تفصل بين الأطراف المعنية.
ففي المقهى يجد الرجل الرفقة الطيبة والأمن والأمان في لقاء أصدقاءه، كل يوم، خارج منزله، ويجنبه البقاء في المنزل مع زوجته التي بإمكانها استقبال صديقاتها في أي لحظة بشكل عادي ويسهل عليها كل الإجراءات الأخرى في حالة الذهاب إلى المقهى من ماكياج وملابس تتناسب مع طبيعة المرأة.
زيادة على ذلك، فالمرأة لا يمكنها الذهاب كل يوم إلى المقهى لاعتبارات تهم الأطفال وأمور خاصة بها هي أدرى بها .
والذين يريدون الإيقاع بين الرجل والمرأة عبر ترديد مقولة الرجال دائما في المقاهي لا تستند على دليل علمي إذا احتسبنا ما يقضيه الرجل في عمله وخدمة أسرته. فهو المساند الرسمي لزوجته في السراء والضراء.
وحتى المرأة نفسها تدرك ذلك، وتعرف دور المقاهي في تحسين مزاج الأزواج وتقوية الروابط وإزالة الضغوط المختلفة.
و المرأة نفسها كثيرا ما تزور صديقاتها في بيوتهن لأنها المكان الأنسب للإحساس بالحرية والانبساط والعفوية.
وهناك رجال لا وقت لهم للذهاب إلى المقاهي تحت ضغط متطلبات الأسرة مما يدفعهم إلى القيام بعدة أعمال أخرى تساهم في تحسين البورصة الأسرية.
ويبقى آخر الأسبوع هو المتنفس بالنسبة لكل أفراد الأسرة للذهاب إلى المقاهي الكبيرة التي تضم ملاعب الأطفال وأنشطة ترفيهية.
كذلك المرأة التي تنتظر زوجها إلى حدود المساء حتى يرجع من العمل لكي تنفس عن حالها قد ولى، فلقد تغير نمط الحياة مع استقلال أغلب الزوجين عن الأسرة الممتدة ومسألة تعلم المرأة جعل من الإثنين شبه مستقل في التحرك الحر داخل المجتمع.
وهكذا نجد الآلاف من النساء العاملات في القطاعات المختلفة حكومية وخاصة يتوجهن إلى المقاهي والمطاعم من أجل الأكل والترفيه مع الصديقات والأصدقاء.
وهكذا نستنتج من أن الواقع فوق الفقه والتراث والوصاية التقليدية والأحكام المسبقة والأقوال الجاهزة في تغيير النصوص والعقليات نحو قناعة كل من الرجل والمرأة من أن زمن الوصاية قد ولى وبأن حقوق الإنسان هي الأولى.
قم بكتابة اول تعليق