إشراقة نيوز: محمد الحرشي
تطرقت في مقال سابق إلى أهمية الروحانيات في تعزيز العيش المشترك بين الأجناس والمعتقدات المختلفة ، وعلينا أن لا نحسبها ترفا و”خضرة فوق الطعام” ومسألة ثانوية لا داعي للكتابة عنها.
والحقيقة البينة لدى اللبيب، أن كل كائن حي هو عبارة عن جسم وروح، شكل ومضمون، إطار ومحتوى، لا يمكنه أن يعيش بأحدهما فقط، فهما كيان واحد، وأي إفراط أو تفريط ينعكس عليهما معا، ولنا في كل الكائنات المختلفة بأصواتها وطقوسها في التزاوج والتوالد وتربية الصغار والهجرة أكبر دليل على تكامل الماديات والروحانيات في تتابع أحداث الوجود.
وهكذا، لا يمكن فصل المادة عن روحها، فهي أساس الوجود واستمرار الحياة وتخضع في مجملها إلى السياسة العامة المتبعة على مستوى الجماعة والإقليم والوطن.
حقيقة الماديات بموكادور تتطلب الكثير من الجهد والتنسيق بين كل الفاعلين لتمكين الطبقات المهمشة من العيش الكريم ، فإذا كانت السلطات المختلفة مثلا بمدينة الصويرة تقوم بالمستحيل من أجل تطوير مجال الروحانيات، فالمجهود مطلوب منها كذلك لإنعاش الشغل وتوسيع دائرة المستفيدين من الخدمات والدعم الاجتماعي والتكوين في كل ما يتعلق بإخراج الشباب من العطالة.
فمدينة الصويرة لا يمكنها العيش بالروحانيات إذا لم يلمس السكان أثر الماديات على كل مناحي الحياة، وهذا يتطلب إعادة توزيع الثروة على السكان بتبسيط مساطر الحصول على السكن والإكثار من مراكز التكوين والتأهيل، والتطبيق الصارم لمبدإ تكافؤ الفرص في الشغل، التعليم، الصحة ،الثقافة…
والولوج إلى الخدمات المختلفة مع تتبع ومحاسبة ذوي الإثراء غير المشروع والحيلولة دون حصول الأغنياء على امتيازات أخرى
ومحاربة المضاربات العقارية والتجارية وكل أشكال الجشع ومراكمة المال العام على ظهر الفقراء والمحتاجين.
فبدون التوازن الحقيقي بين الماديات والروحانيات بموكادور لا يمكن تحقيق ثقافة إنسانية وعيش كريم دائم في الزمان والمكان .
قم بكتابة اول تعليق