من المسؤول عن تعطيل حكم عزل علي أمنيول من رئاسة جماعة مرتيل؟

يتابع الرأي العام المحلي بمرتيل، ومعه الرأي العام الوطني، أطوار أغرب قضية في تاريخ القضاء الإداري والمتمثلة في الطعون التي قدمت ضد رئيس جماعة مرتيل علي أمنيول من أجل التأكيد على عدم أهليته للترشح لعضوية ورئاسة المجلس الجماعي، نظرا لكونه قد سبق أن صدر في حقه قرار حكومي يقضي بعزله من عضوية ورئاسة الجماعة المذكورة بعدما قام بخروقات قانونية في التسيير تهم قطاعات متعددة مثل التعمير والصفقات والممتلكات الجماعية….إلخ وهي الخروقات التي لم يستطع هذا الأخير أن يفندها سواء خلال المرحلة الإدارية، أو خلال المرحلة القضائية.

وتميزت المرحلة القضائية من الدعوى برفض الطعن الذي تقدم به علي أمنيول لدى محكمة النقض لإلغاء قرار عزله، واعتبرت أن الخروقات العديدة الواردة في قرار رئيس الحكومة والمنشور بالجريدة الرسمية ثابتة في حقه. إلا أن أهم ملاحظة في هذا الملف هو التأخير الكبير الذي استغرقته الغرفة الإدارية من أجل البت، مما جعل أحزابا سياسية وهيئات حقوقية مثل “مرصد الشمال لحقوق الإنسان” يوجهون رسالات استفسارية لهذه الهيئة من أجل توضيح أسباب هذا التأخير الذي استغرق حوالي السنتين قبل النطق بالحكم. وهو الشيء الذي أثار شكوكا في وجود ضغوط قصد تأخير هذا الملف إلى ما لا نهاية.

ولا شك أن هذه الشكوك لها ما يبررها، خاصة وأن الجهة المعنية بالتنفيذ وخاصة عمالة المضيق الفنيدق لم تحرك ساكنا من أجل إقرار حكم نهائية حائز لقوة الشيء المقضي به، وكان يمكن لها في هذا الإطار، وطبقا لما خول لها القانون التنظيمي للجماعات الترابية أن تقوم بطلب عزل الرئيس المذكور من المحكمة الإدارية بالرباط نظرا لعدم أهليته القانونية، مع ما يترتب عن هذا الطلب من إيقاف هذا الرئيس عن ممارسة مهامه إلى حين النطق بالحكم النهائي. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، مما أثار العديد من التساؤلات حول نية الإدارة الترابية في تطبيق القانون والانتصار لدولة الحق والقانون.

ومن جهة أخرى فإن المرحلة القضائية تميزت أيضا بالدعوى المرفوعة ضد علي أمنيول من طرف حزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات الجماعية لسنة 2015، إلا أن هذه الطعون الانتخابية رغم كونها مقيدة بآجال قانونية من أجل البت فيها، حيث يفترض فيها ألا تتأخر عن 15 يوما خلال المرحلة الابتدائية، و 30 يوما خلال المرحلة الاستئنافية وشهرين خلال مرحلة النقض، وعلى ألا يتأخر تبليغ هذه الأحكام في كل مرحلة عن 15 يوما من تاريخ صدور الحكم. وها هي هذه الطعون تستغرق بدورها حوالي السنتين منذ انطلاق الدعوى دون أن تبدو أية بادرة حول تنفيذ الحكم القاضي بعدم أهلية علي أمنيول للترشح لهذه الانتخابات.

ورغم مرور كل هذه المدة ومرور مراحل الدعوى بجميع مراحلها ابتدائيا واستئنافيا ونقضا ثم استئنافيا مرة أخرى إلا أن جميع المعطيات (التي تؤكد أن هناك جهات معينة تسعى إلى تعطيل الملف إلى ما لا نهاية) تفيد بأن الملف يمكن أن تستغرق مدة تنفيذه فترة إضافية أخرى، خاصة وأن الجهة المطعون في أهليتها تستعد لطلب نقض الملف من جديد لتستفيد من حق قانوني جديد يتمثل في عدم إمكانية تنفيذ الحكم إلا بعد التصديق عليه من طرف محكمة النقض، بل إن هذه الأخيرة يمكن أن تطلب إعادة الملف إلى محكمة الاستئناف من جديد إذا ارتأت أن هذه الأخيرة لم تستجب لبعض الطلبات التي تقدمت بها الأطراف المدعية. مما يعني المزيد من التماطل في تنفيذ هذا الحكم.

يرى العديد من الباحثين في القانون الإداري أن عمالة المضيق الفنيدق يجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها القانونية فيما يخص اللجوء إلى القضاء الإداري قصد وضع حد للفوضى التي تعيشها جماعة مرتيل، وذلك من أجل الدفاع عن القرار الإداري القاضي بعزل الرئيس المذكور من مهامه، والتي كانت هي المطالبة به، وكذا من أجل تكريس ثقة المواطنين في المؤسسات الإدارية، وكل تأخير أو مماطلة سوف لن تفسر سوى بكونها محاباة لجهة سياسية على حساب جهة أخرى.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.