أكد كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، خالد الصمدي، أن توفير بنية جامعية جديدة وإحداث مراكز جامعية مواكبة ونظام معلوماتي مندمج تعد شروطا أساسية ومداخل كبرى لتنزيل الإصلاح البيداغوجي الجديد بالجامعة المغربية.
وأوضح السيد الصمدي، بمناسبة الدخول الجامعي الجديد، أنه يتعين، بغية إنجاح هذا الإصلاح، توفير الشروط الضرورية لتنزيله، والتي لخصها في إحداث خمسة مراكز في كل جامعة مغربية لمواكبة الإصلاح الجامعي، وتوفير التكوين بالنسبة للأساتذة والطلبة والأطر الإدارية.
ويتعلق الأمر، حسب المسؤول الحكومي، بمركز التكنولوجيات الحديثة والتعليم عن بعد، ومركز البيداغوجية الجامعية الخاص بتكوين الأساتذة، ومركز اللغات والمهارات الذاتية بالنسبة للطلبة، والذي سيوفر ستة أشهر من التكوين في اللغات بالنسبة لجميع التكوينات، ومراكز تدبير المسار المهني التي توجد بثلاث جامعات، مشيرا إلى الحاجة لتعميم هذه التجربة التي أبانت عن نجاعتها.
كما يتعين توفير نظام معلوماتي مندمج وميسر لتدبير هذا الإصلاح، يقول كاتب الدولة، مردفا أن « هذا التصور الشمولي تم الاشتغال عليه لسنة بكاملها واليوم نشرع في عملية التواصل من أجل التنزيل الذي سيبدأ مع الدخول الجامعي المقبل، حتى يتم التواصل مع الأساتذه حول مضمون هذا الإصلاح وتدقيقه، وإنشاء المراكز المذكورة، وإحداث نظام معلوماتي مندمج، وفتح الباب أمام الجامعات لاقتراح مسالك التكوين ».
هذا التصور، يقول المتحدث، لم يشمل البنية الجامعية فقط، بل عملت الوزارة على وضع الأستاذ في صلب اهتمامها من خلال مواصلة الحوار مع النقابات بصفة دائمة ومستمرة عبر اللجان المشتركة، مشيرا إلى أنه تم وضع مخطط عمل لتجاوز الملفات العالقة من قبيل الدرجة الاستثنائية والدكتوراه باللغة الفرنسية، والانتقال إلى نظام أساسي جديد تم التوافق حوله بنسبة 90 بالمائة.
من جهة أخرى، أفاد بأن الجامعة المغربية، وخاصة المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح، تستقطب حوالي 78 في المائة من الحاصلين على شهادة الباكالوريا، مشيرا إلى أن هذه النسبة المرتفعة من الطلبة يوازيها عرض جامعي محدود ومركز، ويتعلق الأمر بكلية الحقوق وكلية الآداب وكلية العلوم، مضيفا أن عدد الطلبة بهذه الجامعات تجاوز هذه السنة المليون طالب.
وسجل أنه بقدر أهمية هذا الرقم بالنسبة للمغرب، فهو في المقابل يلقي بتكاليف كبيرة على كاهل القطاع من أجل توفير عرض بيداغوجي متنوع، وإعادة النظر في التكوينات التقليدية الموجودة وفتح المجال أمام الطلبة من أجل التمكن من الآليات الأساسية لإدماجهم في سوق الشغل، وهي تحديات كبرى يتعين الاشتغال عليها وتركيز مجهود الوزارة في المرحلة المقبلة لتنزيل الإصلاح البيداغوجي الجديد.
وقال إن ضرورة إعادة النظر في الإصلاح البيداغوجي في التعليم العالي أملتها عدة اعتبارات ولم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت بعد تشخيص المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في 2013، والذي سجل تنامي أعدد الطلبة، وتقلص العلاقة مع سوق الشغل، وارتفاع نسبة الهدر الجامعي.
فمنذ ذلك التاريخ، يضيف السيد الصمدي، وفي إطار إعداد الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 من طرف المجلس الأعلى، تم الحديث عن ضرورة إعادة النظر في الإصلاح البيداغوجي، مسجلا في الوقت نفسه عدم إمكانية الشروع، آنذاك، في الإصلاح، إلى حين صدور الرؤية الاستراتيجية ليندرج الإصلاح البيداغوجي ضمنها.
وأكد أن التوجيهات الملكية السامية في خطاب غشت لسنة 2018، والتي أكد جلالته من خلالها على ضرورة إعادة النظر في العرض البيداغوجي ودق ناقوس الخطر وأمر بالتحرك السريع لتنزيل الإصلاح، وصدور القانون الإطار باعتباره من المستندات القانونية المهمة لتنزيل الإصلاح، ساهمت في التسريع بوضع تصور شمولي لهذا الاصلاح.
ولبلورة تصور لهذا الإصلاح البيداغوجي، يقول السيد الصمدي، تم عقد ملتقى وطني تحت شعار « الجامعة المتجددة » بمراكش، شارك فيه 700 خبير من الجامعات المغربية لطرح سؤال الإصلاح البيداغوجي ومناقشته باستحضار التجارب الدولية، وتشخيص الحاجيات الحقيقية، ومعرفة الإمكانات المتاحة.
وكان من مخرجات ملتقى مراكش، يضيف السيد الصمدي، التفكير في الانتقال من النظام الجامعي المعمول به حاليا (3 سنوات) إلى نظام الباكالوريوس الذي يعد نظاما حديثا يعتمد نظام الوحدات المرصدة، ويقطع مع منطق السنة الدراسية، وهو نظام مرن يمكن الطالب من اختيار مساره في التكوين من 3 إلى 4 سنوات.
وتابع أن هذا التصور يتطلب ثلاث وثائق، تشمل الدفاتر البيداغوجية للإصلاح التي تم الاشتغال عليها خلال سنة بكاملها وتوجد حاليا في مراحلها النهائية، مشيرا إلى أنه ستتم مناقشتها من قبل الأساتذة حتى يتم الإصلاح وفق مقاربة تشاركية ينخرط فيها الاستاذ والمؤسسة الجامعية من خلال عقد وطني ثاني سينظم في القريب العاجل لطرح هذا الاصلاح وآليات تنزيله.
وتهم الوثيقة الثانية، حسب السيد الصمدي، دليل الإصلاح البيداغوجي الذي يجيب على كل الأسئلة ذات الصلة، فيما تتعلق الوثيقة الثالثة بوضع مخطط لجولات وطنية بمختلف الجامعات المغربية لشرح مضامين هذا الإصلاح.
وخلص السيد الصمدي إلى أن مضمون الإصلاح البيداغوجي الجديد، الذي سينطلق في الدخول الجامعي 2020 – 2021، أخذ بعين الاعتبار البنية والعرض البيداغوجي وهيئة التدريس وفق تصور شمولي، مؤكدا أن هذا الورش الكبير سيمكن من نقل الجامعة المغربية إلى مصاف الأنظمة البيداغوجية المتقدمة.
قم بكتابة اول تعليق