المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل يدعو للتوقف عن العمل يوم الجمعة 12 فبراير 2021 من الساعة الحادية عشرة الى الساعة الثانية عشرة صباحا (قبل صلاة الجمعة) للترحم على أرواح العمال ضحايا المعمل السري بطنجة

نص البلاغ:

أمام هول الفاجعة الأليمة التي أودت صبيحة يوم الإثنين 8 فبراير2021 بأرواح أزيد من 25 شهيدا حاصرتهم مياه الأمطار أثناء اشتغالهم في معمل سري بمرآب تحت أرضي بفيلا سكنية بطنجة في ملك رب عمل جشع، يقف المكتب التنفيذي إجلالا لأرواح ضحايا لقمة العيش وجشع مصاصي دماء الفقراء ويدعو العلي القدير أن يتقبلهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان في هذا المصاب الجلل.

وإنها لمأساة تستوجب الإدانة بأشد التعابير، والمطالبة الملحة بتحديد المسؤوليات ومعاقبة كل من يتحمل المسؤولية من قريب أو بعيد في وقوع هذه الكارثة المفجعة. والمنظمة الديمقراطية للشغل لتنبه من جديد إلى حجم الاستغلال البشع الذي يتعرض له العاملات والعمال المغارية في معامل ومصانع سرية داخل مرائب وبنايات مغلقة في بيئة عمل غير لائقة ولا آمنة وفي غياب أدنى شروط السلامة والصحة المهنية وبأجور هزيلة لا تعير اعتبارا للتشريعات القانونية على علاتها.

إن المسؤولية السياسية والأخلاقية والإدارية تقع بشكل لا لبس فيه على الحكومة والإدارات التابعة لها التي لا يمكن لها أن تدعي جهلها بوجود أماكن عمل كهاته التي تفتقد لأبسط الشروط، ولا جهلها بما يجري فيها من خرق سافر للقانون. فوزارة الشغل والادماج المهني مؤتمنة على احترام قانون الشغل ويقع على عاتقها مراقبة تطبيق النصوص القانونية، والتنظيمية المعمول بها في المقاولات، والمؤسسات التابعة للدولة، والجماعات المحلية، عبر جهاز تفتيش الشغل، الذي حددت المادة 532 من مدونة الشغل ضمن اختصاصاته بالإضافة إلى السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل، إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها.

إن مسؤولية وزارة الشغل والادماج المهني، والحكومة بصفة عامة، قائمة ولا يمكن التملص منها لأنها أضربت صفحا عن تطوير وتحديث وتقوية قطاع مفتشي الشغل والمصالح الطبية للشغل، والاهتمام بظروف عملهم المهني وكل ما يخص حفظ الصحة والسلامة المهنية والوقاية مما يمكن أن يعترض له مفتشو الشغل من مخاطر مهنية، بما يمكنهم من أداء مهامهم على الوجه المطلوب.

فكفى من الاستغلال البشع للأجراء، ونعم للتعامل بكل مسؤولية وحس وطني بتطبيق التدابير والإجراءات الوقائية والاحترازية المتخذة من طرف السلطات الصحية لحفظ صحة وسلامة الأجراء. إن منظومة الصحة والسلامة المهنية ورعاية حقوق العاملين والعاملات وحقهم في بيئة عمل آمنة وعادلة، لازالت ضعيفة ومتعثرة رغم توقيع بلادنا على العديد من اتفاقيات الشغل والصحة والسلامة المهنية، وذلك بسبب غياب الإرادة السياسية في القضاء على كل اشكال الاستغلال وتشغيل الأطفال ومنع الوحدات الصناعية السرية المتملصة من أداء الضريبة والساعية إلى تحقيق أرباح على حساب عرق جبين العمال حتى وإن أدى ذلك إلى فقدان أرواحهم.

إن المعطيات الأولية حول المعمل الذي وقعت به الفاجعة تفيد أنه يقع خارج كل الضوابط القانونية وينتهك بشكل صارخ مقتضيات القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 11 سبتمبر 2003،الذي يلزم المشغل، أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم، وكرامتهم، لدى قيامهم بالأشغال التي ينجزونها تحت إمرته وفي احترام تام للمقتضيات القانونية والتدابير المتعلقة بحفظ الصحة والسلامة، بما فيها التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم من عدوى الإصابة بفيروس كورونا ـ كوفيد 19، في مقرات عملهم، وذلك تحت طائلة المتابعة القضائية.

فمسؤولية وزارة الشغل والادماج المهني ثابتة لا غبار عليها باعتبار الصحة والحياة في العمل حق إنساني أساسي، وبالنظر إلى أن هذه المأساة الإنسانية كانت نتيجة بيئة عمل غير مأمونة وظروف عمل محفوفة بكل المخاطر، وهي فضيحة أخرى بكل المقاييس تستدعي محاسبة وزير الشغل والادماج المهني المؤتمن على احترام الشغل اللائق.

لكل هذه الاعتبارات وغيرها وحفاظا على أرواح المواطنين، عاملات وعمالا، ولتعويض أسر الضحايا والمصابين، من واجب الحكومة سياسيا وأخلاقيا وقانونا القيام بتحقيق شامل في ظروف وأسباب الحادث الإنساني المؤلم واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة ولا نفزع في أرواح أخرى.

إن المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل تمشيا مع دوره في الدفاع عن مصالح الشغيلة والمستضعفين، يدعو إلى:

  •  توفير عمل آمن لكل العاملين بمختلف القطاعات الصناعية والإنتاجية والخدماتية والفلاحية والصيد البحري والنقل وحمايتهم ضد مختلف المخاطر عبر إدارة السلامة والصحة المهنية وتدبير الصحة والسلامة المهنية وحوادث الشغل والأمراض المهنية داخل العمل؛
  • إعادة النظر في النصوص التشريعية المتعلقة بطب الشغل والصحة والسلامة في العمل؛
  • الإسراع بإصدار قانون أساسي مستقل لمفتشي الشغل وتحسين ظروفهم المادية والمهنية وتوظيف العدد الكافي لمفتشي الشغل من الدكاترة العاطلين عن العمل؛
  • إصدار النصوص التطبيقية المتعلقة بطب الشغل والصحة والسلامة في العمل؛
  • تكوين أطباء الشغل وتأهيلهم، والتنسيق والتكامل مع مفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وفي الختام، يدعو المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل للتوقف عن العمل يوم الجمعة 12 فبراير 2021 من الساعة الحادية عشرة الى الساعة الثانية عشرة صباحا (قبل صلاة الجمعة) للترحم على أرواح الضحايا والدعاء بالشفاء العاجل للمصابين، والتنديد والاحتجاج ضد استمرار استهتار الحكومة ووزارة الشغل والادماج المهني بأرواح العاملات والعمال، وضد السماح بالتشغيل في معامل ووحدات لا تحترم فيها شروط الصحة والسلامة المهنية والشغل اللائق.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.