إشراقة نيوز: محمد الحرشي
كثيرا ما نقع في صعوبة التمييز بين الحوار والتطبيع ، وهي مسألة شائكة في الوطن العربي نظرا لاعتبارات كثيرة يتداخل فيها التاريخ والدين والاستعمار الذي يقوم على السيطرة على اصحاب الأرض إلى أن تتغير مرة أخرى موازين القوى بفعل النضال أو حروب دامية بين الدول الكبرى.
والمغرب لا يشد عن هذه المعادلة الأرضية التي جعلت منه فضاء يغري الجميع ،على مر العصور ،لعدة ديانات ومعتقدات واقوام أتت من كل حذب وصوب، منها على الخصوص :الثقافة الأمازيغية والحسانية واليهودية والمسيحية والاسلامية وعدة مذاهب وتيارات أخرى مختلفة ما زالت بصماتها على أرض الواقع.
فحركية التاريخ أدت إلى نزوح العرب واليهود من الأندلس منذ عام 1492 ميلادية (7 قرون تقريبا) وادت كذلك إلى استعمار المغرب من طرف فرنسا وإسبانيا الاحتلال نفسه عاشته دول عربية وأفريقية أخرى.
ومع تغير المعطيات السياسية والعسكرية والاقتصادية نزحت اقوام ، رغم انفها، بدينها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها من الأندلس واستقرت بالمغرب والعيش فيه
الى الآن.
بالنسبة للعرب مع الامازيغ هناك انصهار تام وعيش مشترك تزكيه كل الممارسات اليومية.
وبالنسبة للمسيحيين المغاربة، لا يمكن التنكر لدورهم في فكر وثقافة وفن كل باقي مكونات الشعب المغربي، وآثارهم تدل عليهم إلى حد الآن في كل مناحي حياتنا .
أما اليهود المغاربة فهم جزء لا يتجزأ من تاريخ وأصالة بلدنا وعلى جميع المستويات الفكرية والفنية والسياسية والاقتصادية.
وهنا بيت القصيد من طرح مسألة الفرق بين الحوار والتطبيع، فاليهود المغاربة شكلوا على مر تاريخنا منذ سقوط الأندلس فئة مجتمعية اساسية مثل باقي الفىات الأخرى من امازيغ وعرب ومسيحيين وغير المتدينين، الكل يعيش جنبا إلى جنب في اطار احترام الخصوصيات والعقائد.
فمبادئ العيش المشترك تتجلى منطقيا علميا وفلسفيا في المعيش اليومي بين كل المكونات الشعب المغربي التي تحتضن كل الخصائص الثقافية والعادات الاجتماعية وخيرات البلد في نوع من التآزر والتعاون لا يسود فيه منطق العقيدة والدين والجنس والمال الا نادرا، بل الاسبقية للقيم السامية في الديانات الثلاث تعمل داىما على تحقيق المساواة بين الجميع.
والآن تغيرت الكثير من المعطيات الجيوسياسية في العالم ومنطقة الشرق الأوسط مما جعل المغرب يعيد النظر في علاقاته مع دولة اسراىيل التي تعيش فوقها اكبر جالية يهودية متشبعة بهوية وثقافة بلدها الأول، اي المغرب، لها تاريخ مديد على تربة الوطن إلى جانب المكونات الأخرى ، ولا يمكن علميا وانسانيا التنكر لمغربي أراد إلرجوع الى وطنه كيفما كانت عقيدته وديناته.
واذا كانت الظروف التاريخية والسياسية قد ساهمت في ترحيل الالاف من اليهود المغاربة إلى منطقة الشرق الأوسط فإن عودتهم طبيعية إلى ارض الوطن ولا يمكن الخلط بين الدفاع عن القدس التي يوليها المغرب أهمية كبرى كعادته، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، وحق عودة اليهود المغاربة كذلك إلى وطنهم المغرب، فأغلب المغاربة يفرقون بين حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق اليهود المغاربة والخلط بينهما هو خلط لا يفرق بين الحوار والتطبيع، والمغرب محق في الحوار مع جاليته اليهودية من أجل تنفيذ بنود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ، وثانيا المساهمة في ردم الهوة بين الديانات الثلاث وكل العقائد الأخرى في العالم، وبالتالي تحقيق السلم العالمي.
قم بكتابة اول تعليق