أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، اليوم الجمعة بمراكش أن العقوبات البديلة موضوع ذو راهنية وأهمية قصوى، لارتباطه الوثيق بتطوير السياسة الجنائية الوطنية، مع تعزيز حماية حقوق وحريات الأفراد.
وأضاف ، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه مدير قطب الدعوى العمومية برئاسة النيابة العامة أحمد الوالي العلمي، خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية المنظمة من قبل وزارة العدل على مدى يومين، حول ” التفعيل القضائي للعقوبات البديلة .. التحديات والرهانات”، أن بدائل الاعتقال الاحتياطي ، والتدابير البديلة للعقوبات السالبة للحرية، تحتل اليوم مكانة متميزة في تنفيذ السياسة الجنائية المعاصرة، خاصة وأنها أصبحت محل توافق حقوقي دولي ومطلب قضائي عملي، من شأن إدراجها في التشريعات الوطنية وتفعيلها على الوجه المطلوب أن يسهم في التخفيف من وطأة العقوبات الحبسية قصيرة المدة وآثارها السلبية.
وعلى مستوى التجربة المغربية، أشار السيد الداكي إلى أن التشخيصات الدقيقة التي أجريت على منظومة العدالة الجنائية في عدة محطات كبرى، أبرزها الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، أفضت إلى ترسيخ القناعة بتبني إصلاح جذري عميق، يستشرف مستقبلا يواكب التوجهات الحديثة للسياسة الجنائية، الرامية، في جزء مهم منها ، إلى تنويع رد الفعل العقابي تجاه الجريمة، من خلال سن خيارات تشريعية بديلة ومتنوعة، تمكن من تفادي وتجاوز سلب الحرية واعتماد تدابير بديلة، سواء قبل المحاكمة أو خلال النطق بالعقوبة أو في مرحلة تنفيذها.
وجدد الدعوة إلى التعجيل بتعديل قانون المسطرة الجنائية بالشكل الذي يقر اعتماد تدابير جديدة بديلة للاعتقال وتوسيع نطاقها، لتشمل طائفة أكبر من الجنح وبعض الجنايات، وتمكين قضاة النيابة العامة من خيارات أوسع على غرار تلك المتاحة لقضاة التحقيق في إطار المراقبة القضائية، “لإيماننا الراسخ بأن من شأن اعتماد مقتضيات من هذا النوع ان يمكن النيابات العامة ومعها قضاة التحقيق من ترشيد سلطتهم في الاعتقال بما يعزز من نجاعة أداء العدالة الجنائية ويوفر سبل أرحب لضمان نجاح العقوبات البديلة”.
ومن جهتها، ثمنت ممثلة المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب ” دينييتي”، مسودة قانون العقوبات البديلة في المغرب، الذي يهدف إلى إنشاء مجموعات من العقوبات البديلة التي يمكن اعتمادها بدلا من العقوبات السالبة للحريات، مبرزة أن هذا المشروع من شأنه أن تكون له أثار إيجابية على الممارسات القضائية، والمساهمة في الحد من الاكتظاظ، مع تضمنه بعض المعايير الدولية الإضافية.
تروم هذه الندوة ، المنظمة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة وكذا جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والمعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب ” دينييتي” والأورو- متوسطية للحقوق ” أوروميد رايتس”، التعريف ببدائل العقوبات السالبة للحرية من منظور القانون الجناني المقارن والعلوم الإنسانية ذات العلاقة، والمعايير الدولية والممارسات المثلى الخاصة بالعقوبات البديلة، إضافة إلى مناقشة أثر بدائل العقوبات السالبة للحرية على ظَاهِرَتي الاكتظاظ السجني والعود للجريمة، واستعراض التجارب العربية والدولية في مؤسسات العدالة الجنائية، وكذلك مناقشة التطبيقات القضائية العربية لبدائل العقوبات السالبة للحرية.
قم بكتابة اول تعليق