بوسلهام الكريني يكتب: عاشوراء بين الطقوس والفوضى.. احتفالية مغربية تكشف وجهًا آخر للأحياء الشعبية

إشراقة نيوز: بوسلهام الكريني

في كل سنة، ومع حلول شهر محرم الحرام، يتهافت الأطفال على شراء اللعب والهدايا احتفالا بمناسبة عاشوراء التي نحى المغاربة عن قيمتها الدينية واعتبارها الرمزي خاصة وأنها ذكرى إبراهيمية توحي بنبينا خليل الله إبراهيم عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة وأزكى السلام..

فقد تحولت هذه المناسبة عبر الزمن إلى احتفالات بطقوس لا تمت للدين بصلة.. فمن إضرام النيران في الشوارع والأزقة إلى ظاهرة اللعب بالماء الملوث صبيحة العاشر من محرم كناية عن الاحتفال السابق الذي يسمونه المغاربة بزمزم وهي احتفالية رمزية برش الماء الذي يعتقد المغاربة أن جميع آبار الدنيا تحوي ماء زمزم في تلك الصبيحة، لكن سرعان ما تحولت هذه التقاليد إلى فوضى عارمة تشب في كل الأحياء..

فمع مطلع الشهر الحرام يجتهد الأطفال في جمع الحطب والخشب بغية الاحتفال بـ”الشعالة” التي كانت لها إحتفالية خاصة في السنوات الماضية عكس ما نراه اليوم من الاجتهاد في جمع العشرات من إطارات العجلات، وكأن هؤلاء الأطفال يريدون حرق المدينة لا الاحتفال واللعب..

محليا، وبمدينة سيدي سليمان، حجزت، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء الخميس، السلطة المحلية العشرات من إطارات العجلات كان أطفال الحي قد جمعوها داخل ساحة منزل مدير مدرسة محمد الزرقطوني.. لكن ما إن فطن الأطفال بفعل السلطة حتى استدركوا عملهم وعاودوا الكرة بجمع عشرات من الإطارات لهذه الليلة..

وقبل أذان المغرب بقليل، انطلق دوي المفرقعات الاصطناعية – التي يبدع الأطفال والشباب في صنعها من مواد أولية – تثير القلق والهلع في صفوف الساكنة وما يزيد الوضع تأزما تلك الحرائق التي تخنق رائحتها الأنوف وتسبب أزمات صحية لمرضى الحساسية والربو وخاصة كبار السن…

فأين السلطات المحلية والأمنية من هذه الأفعال؟؟ وهل تلك الاستعراضات بموكب السيارات كافية للحد من هذه الظواهر الشاذة؟؟ لِم لا يترجل القائد ومن معه ويرتفقون الأزقة والأحياء الشعبية التي تعج بالمفرقعات والنيران.. (إلى حدود كتابة هذه السطور)..

إن مناسبة عاشوراء، كما تُمارَس في الأحياء الهامشية، تفتح نافذة على قضايا أعمق: من ضعف البنية التحتية، إلى انعدام الفضاءات الترفيهية، وصولًا إلى غياب البدائل الثقافية للشباب.

تُطرح هنا أسئلة كثيرة حول مسؤولية الفاعلين المحليين، وضرورة تحويل هذه المناسبة إلى فرصة لإعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والفضاء العام.

عاشوراء ليست فقط مناسبة دينية، بل لحظة اجتماعية مليئة بالتعقيد والرمزية. وبين أهازيج الأطفال ولهيب “الشعالة”، يظل السؤال مطروحًا: هل تتحول مناسبة عاشوراء إلى عنوان للبهجة… أم مرآة تعكس شرارة قلق اجتماعي يتصاعد بصمت؟

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.